بين بابين
تعتبر السياحة أحد الأعمدة الاقتصادية والمالية للدول، حيث يشكل قطاع السياحة في العصر الحديث أحد الموارد المالية المهمة، لذا يتم الاعتناء كثيراً بالمظاهر والمقومات السياحية التي بدورها تكون عامل الجذب الأساسي؛ ومن تلك المقومات والمظاهر بالدرجة الأولى هو عامل الأمن والأمان، ثم تأتي التسهيلات المقدمة من قبل قطاعات السياحة الخاصة بالسكن ووسائل النقل، وبعد ذلك وجود المعالم السياحية، خاصة المعالم الطبيعية والتاريخية التي تخص المكان وسيرته عبر التاريخ، حيث يعتنى الكثير من السياح دائماً بالاقتراب من المكان المزار ومن شعبه وتفاصيل حياته وثقافته الشعبية، المتمثلة في الفنون الفلكلورية والتراث، بما يضمه من عادات وتقاليد وألعاب شعبية، وغير ذلك مما تحتويه المتاحف من سيرة إنسان المكان وتجاربه مع بيئته المختلفة وبطولاته ومميزاته.
ثم الاهتمام بالقطاعات الأخرى، مثل مراكز التسوق والترفيه، وغير ذلك من ما تقدمه المدن عبر وجهها الحديث.
ومن ذلك، تتحول تلك المدن إلى مراكز جذب سياحي كبير، وأيضاً تتحول بموجب ذلك الثقافة إلى سوق، أي أن الفن والثقافة، يكون دورهما في خدمة الجانب السياحي بحيث، يكونان هناك بجانب مراكز التسوق الكبيرة التي تزخر بكل أنواع السلع القادمة من شتى بقاع العالم؛ سوق مرادف يزخر كذلك بمختلف أنواع الفنون المستوردة، التي يتمحور الهدف منها الجذب السياحي.
ومن هنا، لا ضير من الاعتناء بكل تلك التفاصيل من أجل إنعاش السياحة، كون هذا الاعتناء سوف ينعكس بشكل أو بآخر على المكان بإبقاء الكثير من المعالم التاريخية والتراثية مزدهرة، وكذلك يقرب الكثير من المسافات، لمتابعة عمل موسيقي عالمي أو عرض باليه، وغيره من الفنون الكبيرة.
لكن الحديث عن الثقافة هو أمر مختلف، فباب الثقافة لا يمكن أن يكون هو ذاته باب السياحة، أي لكل منهما بابه الخاص، وفيما يؤدي باب السياحة إلى المال والصيت الإعلامي؛ يؤدي باب الثقافة إلى روح ووجدان الشعوب، سواء من خلال تراثها الذي تعتني به وتحتفل به بشكل يجسد الحنين والاعتراف والعرفان للماضي أو تكريس حضوره بشكل دوري كقيمه تستحق الاحتفاء بها، قيمة شكلت محطة من محطات التطور والارتقاء؛ ولكن لا تمثل الحاضر. يؤدي باب الثقافة كذلك إلى منطقة الإبداع والجمال إلى ما ينجزه المبدعون من فنون وآداب، باب الثقافة يؤدي إلى منطقة التنوير والحداثة، إلى الارتقاء بالرؤى والأفكار، باب الثقافة يؤدي إلى خلق الإنسان القارئ الشفاف، النقي والقوي.
تعمل الثقافة دائماً في منطقة الجمال التي تخص الإنسان والمكان بكل مشاهده المتعددة، وهذه المنطقة هي دائماً بحاجة إلى الدعم المستمر حتى تتسع، وتكرس ذائقة جمالية تنعكس إيجاباً على المزاج العام في علاقته وتذوقه للفنون والآداب.
saad.alhabshi@admedia.ae